روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | في بيتِنَا مُرَاهِقٌ!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > في بيتِنَا مُرَاهِقٌ!


  في بيتِنَا مُرَاهِقٌ!
     عدد مرات المشاهدة: 2184        عدد مرات الإرسال: 0

تُعْتَبرُ مرحلةُ المراهقةِ مرحلة غايةُ الأهميّةِ عند المربّين، والمراهقةُ تعني عندَ علماءِ النّفسِ مرحلةَ الإنتقالِ مِنَ الطّفولةِ إلى الرّشدِ.

ويتعرّضُ الفردُ في هذا السنِّ لمزيجٍ من الأزمات والإضطّرابات النفسيّة.

ويقف المربّون سواء كانوا آباء أو معلّمين أو دعاة في هذه المرحلة موقف الحيرة بكيفيّة التّعامل مع الفرد في هذه المرحلة بالذّات!

والمراهقة مرحلة معقّدة، لأنّ الإنسان في هذه المرحلة ليس بفرد ناضج عاقل واع..ولا طفل صغير لا يدرك أو يعي، فيطرأ على الجسم في هذه المرحلة تغيّرات فيزداد الطّول والوزن.. ويتغيّر الصّوت..

وتزداد نبضات القلب تدفّقاً، وتتغيّر ملامح الوجه فيبدو شكل الأنف كبيراً، واليدين طويلتين، تتغيّر البشرة بحيث تظهر البثور والحبوب، وتزداد شدّة الإنفعالات الجنسيّة، ويزداد إهتمام الفرد في هذه المرحلة بالجمال وجذب الإنتباه.

فإذا ما فشل في الوصول إلى ما يريد تحسينه سواء بشكله ومظهره، يشعر بالضّيق والحرج والقلق والإنطواء، ويصبح الموضوع هاجسه وشاغله، وقد يكون سبب ذلك الخوف من التعليق.

وبما أنّ نمو جسم المراهق يزداد سرعة وتغيّراً، فكان من الأهميّة بمكان أن يدرك المربّون العلاقة بين النموّ الجسميّ وأثر ذلك على تفكير وإنفعالات المراهق وعلاقته بمن حوله، وقد تنحرف التربية عند عدم إدراك المربّين لذلك.

وينبغي على الأسرة تثقيف المراهق صحيّاً، وتوفير الغذاء الصّحّي المتوازن لنموّ العظام وسائر البدن.

ويجدر بالأسرة تشجيع المراهقين على ممارسة أنشطة ورياضات بدنيّة وشغل وقت فراغه بما يعود نفعه، كالقراءة وممارسة الهوايات واللعب.

كما يحسن بالمربّي أن يسعى لتقوية ثقة الأبناء بأنفسهم في هذه المرحلة، والعمل على تشجيعهم ورفع معنويّاتهم، وإعطائهم الفرصة الكافية ليعبّروا عن أنفسهم ويكتشفوا قدراتهم.

وإعطاء المراهق حريّة التعبير عمّا يدور في خلده له آثار إيجابيّة عديدة منها: إحتواؤه، وتلمّس حاجاته، وتكوين شخصيّة سويّة واثقة قويّة.

وعلى الأسرة تنمية الوازع الدّينيّ، بدءاً من الجديّة في أمر المراهق على الصلاة جماعة، والعناية بأفكارهم وعقائدهم من أن تلوّث، وتنشئتهم على مراقبة الله في السرّ والعلن، وخشيته والتوكّل عليه، وتعويدهم على قول الصّدق، والتحدّث بلباقة وأدب، وتطهير البيت من آلات اللّهو، وقنوات الإفساد، وحثّه على الالتحاق بحلق الذّكر، واصطحابه لمجالس العلم، وزيارة الأقارب، وصلة الأرحام، وتعويده على البذل والتصدّق ولو بمبلغ يسير ليساعد إخوانه المسلمين، والشعور بمبدأ الترابط والجسد الواحد، ومن ذلك تربيته على إغاثة الملهوف، وإطعام الطّعام، والإيثار.

ويتأثّر المراهق بأقرانه، ويقضي معهم وقتاً طويلاً قد يفوق وقت جلوسه مع أسرته، لذا، فإنّ على الوالدين تفهّم رغبات الأبناء، وتلمّس مشاعرهم في هذه المرحلة، فالمراهق يشعر برغبته في الإبتعاد عن المنزل، وذلك لشعوره بالخصوصيّة والإستقلاليّة، وأنّه قد بلغ مبلغ الرجال. وفي وقت إختلاطه بأقرانه يكتسب الكثير من المهارات، والعادات، والطّباع، والخبرات المختلفة.

لذا، كان لزاماً على الأسرة الإهتمام بصحبة أبنائها، والعناية بمن يخالطون، وإدراك دور الصّحبة الفاعل والقوي على سلوك أبنائها، وخير دليلٍ على ذلك حديث رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم: «مثلُ الجليس الصالح والسَّوءِ كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمَّا أن يُحْذِيَكَ، وإمَّا أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيِّبَةً، ونافخُ الكِيرِ إمَّا أن يُحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد ريحًا خبيثةً».

ولشدّ إنتباه أبنائنا وجعلهم يتطبّعون بالصّفات الإيجابيّة والخصال الفاضلة التي يتحلّى بها بعض أقرانهم، علينا مدح الصّفات الحسنة، والثّناء على رفقته، ليكون لهذه الخصال والسلوك أثر إيجابيّ، وليتطبّع بها أبناؤنا بطريقة غير مباشرة، وعدم ذمّ الصّفات السيّئة عند رفاقهم، فهم سيكتشفونها بأنفسهم إذا ما ركّزوا على الجوانب الإيجابيّة.

ويقاوم المراهق السّلطة سواء كانت السّلطة في المدرسة أو البيت، لذا فإنّ على الوالدين والمربين التعامل مع المراهق بإحترام، وإعتماد مبدأ الحوار كطريقة تواصل وتخاطب مع الأبناء، وإعطاءهم حرية اتّخاذ القرار وفق الضوابط الشرعيّة، وتحفيزهم ومكافأتهم في حال الإنجاز، والتوجيه والتحاور بحزم في حال الإخفاق، وعدم اتّخاذ الضرب وسيلة للتّربية إلاّ في الحالات المستحقّة فعلا لذلك، كترك الصلاة.

و على الوالدين تربية المراهق تربية متوازنة، وإعطاؤه المزيد من الإهتمام والرعاية ومراقبة صحبته، ومن يخالط بطريق غير مباشر.

وكلّ ذلك لتحقيق الهدف الأساسيّ من وجود الفرد في هذه الحياة، وهي تحقيق العبوديّة لله تعالى بطريقة صحيحة وسويّة.

وعلينا أولاً وأخيراً التوكّل على الله في تربيتنا للمراهقين، والدّعاء لهم في ظهر الغيب، والدّعاء لهم أمامهم، وإصلاح أنفسنا بدايةً.

وقد كان سعيد بن المسيّب يقول لابنه: إنّي لأزيد في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك.

الكاتب: هند الرميان.

المصدر: موقع صيد الفوائد.